يمتلك كلا منا وجهة نظر قد تختلف وقد تتوافق مع الأخرين،فوجهة النظر تكون نتاج التربية والمجتمع الذي يعيش فيه الفرد بالإضافة إلى مقدار التعليم والمستوى الثقافي الذي يصل إليه كل إنسان.بجانب العوامل الخارجية التي تشكل وجهة النظر لكل منا رؤية وقراءة خاصة لما يدور حوله من أحداث تختلف في معظم الأحيان عن الأخرين.
استطلاعات الرأي
هي أداة قراءة وجهات النظر المختلفة حيث تبين الإتجاه العام للمجتمع نحو قضية ما،لذلك فهي من أهم الوسائل التي يعتمد عليها صانعو القرار عند اتخاذ القرارات المختلفة، كما أنها أصبحت من إحدى الوسائل التي يستخدمها المسؤولون لزيادة مصداقيتهم عند الشعوب، كذلك انتشرت كوسيلة للدعاية الانتخابية في كثير من البلدان، مما أدَّى إلى ظهور الحاجة إلى رفع الوعي باستطلاعات الرأي.
فاستطلاع الرأي هو دراسة يتم إجراؤها بشكل علمي، وتهدف إلى معرفة آراء المواطنين تجاه إحدى القضايا الهامة أو أحد الأحداث المطروحة على الساحة، وتفيد النتائج كلا من الأكاديميين والباحثين والمسؤولين، وتساعدهم في عملية اتخاذ القرار، كما أنها توفر قدرا كبيرا من المعلومات في مختلف المجالات.
ونظرا لزيادة الاهتمام باستطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة - حيث أصبح معظم القراء يهتمون بمتابعة نتائجها - فقد أصبح من الضروري عرض أهم المفاهيم والأسئلة التي يجب على القارئ معرفتها قبل قراءة نتائج استطلاع الرأي، بالإضافة إلى الأسلوب الذي يجب أن يتبعه حتى يقرأ النتائج بشكل صحيح.
مفاهيم أساسية
عند التعرض لنتائج أي استطلاع للرأي يجب معرفة بعض المفاهيم الأساسية من أجل فهم أفضل للاستطلاع، وهو ما سيتم عرضه في الجزء الآتي:
* مجتمع الدراسة
عند قراءة استطلاعات الرأي يجب على القارئ معرفة مجتمع الدراسة الذي تم تحديده وفقا للهدف من الاستطلاع. على سبيل المثال عند إجراء استطلاع عن المشاركة في الانتخابات يكون المجتمع هنا هو البالغون 18 سنة فأكثر، أما في حالة إجراء استطلاع عن الدروس الخصوصية فإن المجتمع هنا يكون الأسر التي لديها أبناء في مراحل التعليم المختلفة... وهكذا. وهنا يجب الأخذ في الاعتبار أن نتائج كل دراسة لا يتم تعميمها على المجتمع ككل، ولكن يتم تعميمها على مجتمع الدراسة فقط. وفي الأمثلة السابقة مثلا سوف يتم التعميم على البالغين 18 سنة فأكثر في المثال الأول، وعلى الأسر التي لديها أبناء في مراحل التعليم المختلفة في المثال الثاني.
* العيِّنة
تعتمد معظم استطلاعات الرأي على أخذ رأي عيِّنة من المجتمع تعبِّر بها عن رأي المجتمع ككل، وذلك لصعوبة أخذ رأي المجتمع ككل، ولتخفيض التكلفة، وتوفير الوقت والجهد، وسهولة الحفاظ على جودة ودقة الاستطلاع عند الاعتماد على عيِّنة عن حصر المجتمع ككل، والسؤال هنا هو كيف يتم اعتبار آراء هؤلاء الأفراد هو رأي المجتمع ككل. الإجابة ببساطة تكمن في حياتنا اليومية، فتخيل أنك تريد أن تعرف إذا كانت القهوة ساخنة أم لا، فماذا ستفعل؟ ببساطة سوف تقوم بأخذ رشفة من الفنجان لمعرفة ما إذا كانت القهوة مناسبة للشرب بالنسبة لك أم لا، ما فعلته هنا هو عبارة عن أخذ عيِّنة من الفنجان- وهى الرشفة - لمعرفة سخونة الفنجان ككل (المجتمع)، كذلك عندما يتم إجراء تحليل دم يتم سحب عيِّنة من الدم للوصول إلى نتائج تعبِّر عن حالة الدم ككل، وهكذا.
عندما يتم تعميم نتائج استطلاع معَّين (بمعنى اعتبار رأي العيِّنة هو رأي المجتمع ككل) يجب الأخذ في الاعتبار أولا مدى كفاءة العيِّنة في التعبير عن رأي المجتمع، ومدى تمثيلها للمجتمع المأخوذة منه، فالعينة الجيدة يجب أن تكون ممثلة للمجتمع بمعنى أن:
• يتم اختيارها عشوائيا بحيث يكون لكل فرد في المجتمع فرصة متساوية في الظهور في العيِّنة.
• تكون كبيرة بما يكفي لضمان دقة النتائج، وقد تبين من الدراسات أن الحجم الأمثل للعينة يتراوح ما بين 1000 و1500 مفردة، وسيتم شرح هذا الجزء بالتفصيل لاحقا.
• تكون غير متحيزة لأحد فئات المجتمع.
ومن أكثر أنواع العيِّنات استخداما:
1- العيِّنة العشوائية البسيطة (Simple Random Sampling): هذا النوع من العيِّنات يعطي كل شخص في المجتمع فرصة متساوية في الظهور في العيِّنة.
2- العيِّنة العشوائية الطبقية (:(Stratified Random Sampling قد يكون المجتمع مكون من مجموعات غير متجانسة كالجنس أو العمر، ولتمثيل كل مجموعة من هذه المجموعات في عيِّنة البحث يتم تقسيم المجتمع إلى مجموعات أو طبقات تبعا للصفات التي يتكون منها مجتمع الدراسة، وتسمَّى كل مجموعة طبقة، ثم يقوم الباحث باختيار عيِّنة عشوائية بسيطة من كل طبقة، وهذه العيِّنات يكون مجموعها عيِّنة واحدة تسمَّى بالعيِّنة الطبقية.
3- العيِّنة المنتظمة (Systematic Sampling): وفيها يتم وضع المفردات في قائمة وتحديد أول مفردة في العينة بطريقة عشوائية، ثم يتم اختيار باقي مفردات العيِّنة بطريقة منتظمة.
4- العيِّنة العنقودية ((Cluster Sampling: في هذا النوع من العيِّنات يتم تقسيم المجتمع إلى مجموعات جزئية واضحة تسمَّى عناقيد. تتم سحب العيِّنة من هذا المجتمع باختيار عينة من هذه العناقيد عشوائيا لكي تشكل المفردات المكونة لهذه العناقيد مجتمع الدراسة وتسمَّى العيِّنة العنقودية ذات المرحلة الواحدَّة، أما إذا تم اختيار عيِّنة عشوائية بسيطة من كل عنقود فإنها تسمى العيِّنة العنقودية ذات المرحلتين.
على سبيل المثال: لو أراد الباحث دراسة ظاهرة معيِّنة مرتبطة بطلاب المرحلة الثانوية، يتم حصر كل المدارس بالجمهورية، ثم يتم اختيار مجموعة من المدارس بطريقة عشوائية، ثم يتم اختيار مجموعة من الفصول في هذه المدارس بطريقة عشوائية، ويتم دراسة كل الطلاب في الفصول التي تم اختيارها.
ولتحديد حجم العيِّنة الأمثل لتمثيل المجتمع كان هناك كثير من الاعتبارات التي تم النظر إليها لتحديد حجم العيِّنة ، حيث إنه من المنطقي أنه بزيادة حجم العيِّنة يزداد مستوى الدقة في النتائج، ولكن أثبتت الدراسات أنه بزيادة حجم العينة عن حد معَّين تنخفض الاستفادة المتحققة من زيادة حجم العيِّنة، حيث إنه بزيادة حجم العيِّنة من 1000 مفردة إلى 2000 مفردة فإن دقة النتائج لن تزيد بأكثر من 2%، بينما تتضاعف التكلفة، ولذلك نجد أن كثير من مراكز استطلاعات الرأي العالمية مثل جالوب و بيو وروبر تقوم باستخدام عيِّنة حجمها يتراوح ما بين 1000 و 1500 مفردة بالرغم من أن عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية نحو 300 مليون نسمة، حيث إن هذا الحجم يحقق التوازن بين الدقة والتكلفة الاقتصادية.
* الأوزان النسبية
نظرا لأن العيِّنة هي جزء من المجتمع وليس المجتمع ككل، فعادة ما يتم استخدام الأوزان النسبية، وهي أداة إحصائية تضمن تمثيل العيِّنة ديموجرافية لمجتمع الدراسة، وبالتالي القدرة على تعميم نتائج الاستطلاع. فاستطلاعات الرأي تقوم بجمع بيانات شخصية خاصة بالمبحوثين أنفسهم إلى جانب جمع بيانات عن آراء واتجاهات هؤلاء المبحوثين، يلي ذلك القيام بمعالجة البيانات لتقترب خصائص العيِّنة من الخصائص الفعلية للمجتمع (وقد يكون ذلك من خلال مقارنة بيانات المبحوثين ببيانات التعداد على سبيل المثال).
* خطأ المعاينة
خطأ المعاينة هو خطأ يظهر نتيجة الاعتماد على عيِّنة فقط من المجتمع بدلا من استطلاع رأي المجتمع ككل، في معظم الأحيان يكون خطأ المعاينة ± 3% بمعنى أنه إذا كانت إحدى نتائج الاستطلاع تبين أن 65% من بين المبحوثين بالعيِّنة لديهم تأمين صحي، فإن ذلك يدل على أن النسبة الفعلية للذين لديهم تأمين صحي إذا تم أخذ المجتمع ككل تقع بين (62% و 68%).
وعند الإشارة إلى خطأ المعاينة يجب معرفة درجة الثقة التي تم حسابه عندها. ودرجة الثقة هي عبارة عن أداة إحصائية لمعرفة كم مرة من 100 مرة سوف تكون نتائج الاستطلاع داخل الفترة المحددة، ففي المثال السابق إذا كانت درجة الثقة 95% فهذا يعني أنه لو قمنا بسحب 100 عيِّنة وإجراء نفس الدراسة فإن نتائج 95 من العينات سوف تتراوح ما بين 62% و 68% (وهذا ما يعبِّر عنه خطأ المعاينة ± 3%). والجدير بالذكر هنا أن معظم الاستطلاعات تقوم بذكر خطأ معاينة واحد تعبر به عن الخطأ في الاستطلاع ككل، على الرغم من أن خطأ المعاينة يختلف من سؤال إلى سؤال على حسب عدد المجيبين، فهناك بعض الأسئلة التي يتم توجيهها إلى مجموعة معَّينة فقط من المبحوثين في هذه الحالة يقل عدد المجيبين عند السؤال، مما يترتب عليه زيادة خطأ المعاينة.
* معدل الرفض
نسبة الرفض هي نسبة المبحوثين الذين رفضوا المشاركة في الاستطلاع من البداية، أو رفضوا استكمال باقي الإستمارة. وهناك أكثر من صيغة يمكن من خلالها حساب معدل الرفض.
* عدد المجيبين
يختلف عادة عدد المجيبين من سؤال لآخر، فبعض الأسئلة يجيب كل المبحوثين عنها، والبعض الآخر يعتمد على إجابات جزء منهم فقط، فمثلا سؤال حضرتك عندك تأمين صحي؟ يتم توجيهه لكل المبحوثين، ولكن عندما نريد أن نعرف نوع التأمين الذي يمتلكه المبحوثون يجب توجيه هذا السؤال للمبحوثين الذين لديهم تأمين صحي فقط.
معلومات يجب معرفتها عن الاستطلاع قبل قراءة نتائجه
• ما الهدف من الاستطلاع؟
• من الذي قام بإجراء الاستطلاع؟
• من الذي موَّل أو دفع لإجراء الاستطلاع؟
• ما هو المجتمع المستهدف من الاستطلاع؟
• ما هو نوع العيِّنة المستخدمة وإجراءات المعاينة؟
• كيف تم جمع البيانات أي ما هي أداة جمع البيانات (المقابلات الشخصية، والمقابلات الهاتفية، إرسال إستمارة الاستطلاع عبر البريد أو الإنترنت)؟
• متى تمَّ إجراء الاستطلاع؟
• كيف كانت صياغة الأسئلة وترتيبها؟
• ما هو عدد الاستجابات الفعلية؟
• ما هو معدل الرفض؟
• هل تمّ استخدام أوزان نسبية؟
• ما هو حجم خطأ المعاينة؟
المرجع:
الشبكة العربية لاستطلاعات الرأي العام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق